أمال .
عدد المساهمات : 250 النقاط : 763 تاريخ التسجيل : 26/08/2012 العمر : 39 الموقع : ولاية تلمسان العمل/الترفيه : أستاذة
| موضوع: الاثبات الجنائي "مذكرة تخرج" الثلاثاء نوفمبر 20, 2012 11:17 am | |
| المقدمــــــــــــة ثبت أنّ هناك علاقة وطيدة بين الدولة والقانون، فالدولة هي الجهة الوحيدة الّتي يعود لها حق التشريع بإصدار القاعدة القانونية واحتكار حق العقاب على مخالفة هذه القاعدة، وباستقراء النظم القانونية المقارنة نجد أنّها تختلف في ممارسة هذا الحق، فالبعض من الدول تضع النظم القانونية مستهدفة منها تحقيق مصلحة الدولة، وإقرار سلطتها في العقاب على حساب مصلحة الأفراد، وفي مثل هذه النظم تضيق مجالات الحرية الشخصية، لأنّ مصلحة الدولة تفوق مصلحة الفرد، ومثل هذه الأنظمة يطلق عليها النظم الديكتاتورية، والبعض الآخر من مصلحة الدول تضع نظمها القانونية بطريقة متوازنة لتحافظ من خلالها على سلطة الدولة وإقرار حقها في العقاب، ولكنها لا تضحي في سبيل ذلك بالحريات الشخصية لأفرادها، ومثل هذه الأنظمة يطلق عليها النظم الديمقراطية، لذلك فإنه يلاحظ على دساتير هذه الدول الموصوفة بالديمقراطية المزيد من القيود الّتي ترد على سلطة الدولة في مباشرتها لتنفيذ القانون، ولعلّ أهم هذه القيود هي الضمانات الّتي يتمتع بها الشخص منذ بداية اتهامه وحتى الحكم عليه في حالة إدانته، فهذه الضمانات لا تمنع الدولة من اقتضاء حقها في العقاب من أفرادها، ولكنها تضمن ألا يتم ذلك على حساب حقوق مواطنيها ومصالحهم لأنه لا يوجد مبرّر مقبول لإهدار حقوق الأفراد الّتي تعد دعامة الدولة، ذلك أنّ المصلحة العليا للدولة لا تتحقق إلاّ بالحفاظ أولا على مصلحة أفرادها. هذا وينقسم القانون بدوره إلى عدّة أقسام، وكل قسم يتكوّن من فروع وما يهمنا نحن من تقسيمات القانون هو القانون الجنائي ويشتمل القانون الجنائي على شقين أحدهما موضوعي ويطلق عليه قانون العقوبات، والآخر إجرائي يتمثّل في قانون الإجراءات الجزائية، وقانون العقوبات مهمته الأساسية هي بيان ما يعد جريمة، وما يفرض لها من عقوبة، أمّا قانون الإجراءات الجزائية فيمثل الوسيلة الضرورية لتطبيق قانون العقوبات ونقله من حالة السكون إلى حالة الحرية ويعدّ قانون الإجراءات الجزائية المرآة الحقيقية الّتي تعكس الصورة الحقيقية لسياسة الدولة فيما يتعلق بتنظيمها القانوني، ذلك أنّ الغرض الأساسي للتشريع الجزائي هو كشف الحقيقة في جريمة معيّنة عن طريق الأدلة المختلفة، والتي يمكنه من خلالها التحقيق من وقوع هذه الجريمة. هذا ولعل أهم الموضوعات الّتي يهتم بها قانون الإجراءات الجزائية هي موضوع البحث عن الدليل الذي يثبت وقوع الجريمة، ويؤكّد نسبتها إلى شخص معيّن، وكذا الضمانات الّتي تؤكّد سلامة هذه الأدلة ومدى شرعيتها ونزاهة الأسلوب المتبع في الحصول عليها، خاصّة بعد أن اتّسعت وسائل الحصول على هذه الأدلة وللإثبات الجنائي أهمية خاصّة، لأنه عن طريقة يتوصّل القاضي إلى إقامة الدليل على وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم. كما أنّ للإثبات الجنائي أهمية كبيرة في السياسة الجنائية الحديثة الّتي تهدف إلى تفريد الجزاء وفقا لشخصية المتهم. وتظهر أهمية الإثبات الجنائي حين لإقامة الدليل من أجل لإثبات الجريمة، ذلك أنّ إقامة الدليل ليس من فقط من أجل إثبات الجريمة ونسبتها إلى المتهم، وإنما أيضا من أجل تحديد شخصية المتهم ومدى خطورته الإجرامية. كما تظهر أهمية الإثبات الجنائي في الدور الإيجابي الممنوح للقاضي في البحث عن الحقيقة، فالقاضي الجنائي - ليس كالقاضي المدني - لا يكتفي بمجرد موازنة الأدلة الّتي يقدمها الخصوم والترجيح، إنما له دور إيجابي يفرض عليه التحري والبحث عن الحقيقة والكشف عنها، لأنّ الجريمة واقعة تنتمي للماضي، وليس في وسع القاضي أو مقرره أن يعاينها بنفسه ويتعرف على حقيقتها ويستند إلى ذلك فيما يقتضي به في شأنها، ومن ثمّ يتعيّن عليه أن يتعيّن بوسائل تعيد أمامه رواية وتفاصيل ما حدث وهذه الوسائل هي أدلة الإثبات. وللإثبات أهمية خاصّة لأنه يتطلب في الحصول على الدليل إتباع القواعد الّتي تحدّد كيفية الحصول عليه، والشروط الّتي يتعيّن عليه تطبيقها فيه، والتي توفّر الثقة في الدليل الذي يقدمه ومخالفة هذه القواعد والشروط قد يهدر الدليل وثبوت الحكم بالبطلان. وتظهر أهمية الإثبات الجنائي أيضا في أنّه يستلزم تحقيقا للعدالة أن يكون الحكم بالإدانة مبينا على الجزم، واليقين لا على الطن والاحتمال. وأخيرا فإنّ أهمية الإثبات تظهر أكثر وضوحا حيث أنّ الجريمة تمن بأمن ونظام المجتمع فتنشأ عنها سلطة الدولة في تتبع الجاني لتوقيع العقوبة عليه تحقيقا للردع العام والخاص، ولما كان من المحتمل أن يكون المتهم بريئا ممّا أسند إليه، فيجب أن تكفل له قواعد الإثبات للدفاع عن نفسه لإظهار الحقيقة.
| |
|